قصة مدينة النحاس كاملة و الجن الذين سجنهم نبي الله سليمان ومكان وجودها
تاريخ التحديث: ١١ فبراير ٢٠٢٢
في التاريخ العديد والعديد من القصص المثيرة التي تثير انتباه متابعيها وتغرز في قلوبهم التشويق للدخول في تفاصيلها ومعرفة أحداثها الغريبة. قصة مدينة النحاس، ذكرت عدّة مراجع تاريخية هذه القصة التي حدثت مع موسى بن نصير، وأثارت فضول كل من قرأها لمعرفة المزيد حول حقيقة هذه المدينة العجيبة، وهذا بالضبط ما دفعك للدخول لهذا المقال.
سنناقش قصّة مدينة المحاس بتفاصيلها ونذكر مراجعها، وما علاقة نبي الله سليمان عليه السلام بها، ونسرد لكم من ضمنها حبس نبي الله سليمان للجن في قوارير و رميهم في بحيرة حول مدينة النحاس. وفي نهاية القصّة سنستعرض معكم الأماكن الواقعية في زمننا التي من الممكن أن تكون هي مدينة النحاس المقصودة في القصة.
المحتويات
ما هي مدينة النحاس
هي مدينة بُنيت جميع مبانيها من النحاس الذي يخطف عقل من رآها، ويُقال أنّ الجن هو من بناها لسيدنا سليمان عليه السلام، وفيها من العجائب والغرائب ما فيها. وصل خبرها إلى الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، فأثارت فضوله ورغب بمعرفة المزيد عنها واستخراج كنوزها المخفيّة.
قصّة مدينة النحاس
أشار الغرناطي أن مدينة النحاس هي مدينة أمر سيدنا سليمان عليه السلام الجن ببنائها، وبحسب ما يقول الغرناطي أن المدينة تقع في فيافي في المغرب، بالقرب من بحر الظلمات. اتجه إليها حاكم المغرب موسى بن نصير بعد أن وصله كتاب من الخليفة عبدالملك بن مروان يأمره بإيجادها واستكشافها. فجمع موسى بن نصير الأدلاء ومن يعرفون بخبايا تلك المناطق، وخرج معه أيضاً أشخاص يقرأون عدّة لغات برفقة جيش احتياطاً لما قد يواجههم. فسار موسى بن نصير ومن معه في الصحراء مدة أربعين يوماً حتى أشرف على أرض واسعة كثيرة المياه والعيون والأشجار والوحوش والأطيار والحشائش والأزهار، وبدا لهم سور مدينة النحاس فهالهم منظرها وأبهرتهم ضخامتها.
أمر موسى بن نصير من معه بأن يبحثوا عن باب في السور وما إذا كان هناك أي أثرٍ لحياة هناك، إلا أنهم لم يجدوا باباً ولا بشراً، فأمرهم أن يحفروا تحت سور المدينة حتّى وصلوا إلى الماء حتى وجدوا بأن أسوار مدينة النحاس راسخة في الأرض ومثبّتة بشكل متين، فعلموا أنه لا سبيل إلى دخولها من فوق سورها الهائل. أمر موسى بن نصير بأن يبنوا أبراج شاهقة عند كل زاوية من زوايا السور حتى يتمكنوا من دخول المدينة.
بعد انتهائهم من الأبراج الضخمة، ندب موسى بن نصير منادياً ينادي في الناس أن من صعد إلى أعلى سور مدينة النحاس نعطيه ديّته، فجاء رجل من الشجعان يريد أن يصعد إلى الأعلى ثم صعد حتى علا فوق السلّم على سور المدينة، فلما علا وأشرف على المدينة ضحك وصفق بيديه، وألقى نفسه إلى داخل المدينة. فسمعوا ضجة عظيمة وأصواتاً هائلة ففزعوا واشتد خوفهم وتوالت تلك الأصوات ثلاثة أيام ولياليها ثم سكنت تلك الأصوات، فصاحوا باسم ذلك الرجل من كل جانب من العسكر فلم يجبهم أحد، فلمّا يأسوا منه ندب أيضاً الأمير موسى بن نصير منادياً فنادى في الناس وقال: أمر الأمير أن من ذهب وصعد إلى أعلى السور أعطيته ألف دينار، فبرز رجل آخر من الشجعان وقال: أنا أصعد إلى أعلى السور، فأمر الأمير أن يُعطى ألف دينار فقبضها، ووصاه الأمير وقال له: لا تفعل كما فعل فلان وأخبرنا بما تراه ولا تنزل إليهم وتترك أصحابك، فعاهدهم على ذلك، فلما صعد وأشرف على المدينة ضحك وصفق بيديه وألقى نفسه وكل من في المعسكر يصيحون له ويقولون: لا تفعل، فلم يلتفت إليهم وذهب فسمعوا أيضا أصواتاً عظيمة ثلاثة أيام ولياليها ثم سكنت، فقال موسى بن نصير: أنذهب من هاهنا ولم نعلم بشيء من عِلم هذه المدينة وبماذا أكتب وأجاوب أمير المؤمنين؟ وقال: من صعد أعطيته ديّتين، فانتدب رجل من الشجعان وقال: أنا أصعد فشدّوا في وسطي حبلاً قوياً وأمسكوا طرفه معكم حتى إذا أردت أن ألقي نفسي إلى المدينة فامنعوني، ففعلوا ذلك وصعد الرجل فلما أشرف على المدينة ضحك وألقى نفسه فجرّوه بذلك الحبل والرجل يُجَرُّ من داخل المدينة حتى انقطع جسد الرجل نصفين، ووقع نصفه من محزمه مع فخذيه وساقيه، وذهب نصفه الآخر إلى داخل مدينة النحاس، وكثر الصياح والضجيج في المدينة. فحينئذ يأس الأمير موسى من أن يعلم شيئاً من خبر المدينة من الداخل، وقال: “ربما يكون في المدينة جن يأخذوا كل من طلع على المدينة”. وأمر عسكره بالرحيل، وسار خلف المدينة راجعاً.
فرأى ألواحاً من الرخام الأبيض كل لوح مقدار عشرين ذراعاً، فيها أسماء الملوك والأنبياء والتابعين والفراعنة والأكاسرة والجبابرة ووصايا ومواعظ، وذكرت كذلك سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمّته. وكان معه من العلماء من يقرأ كل لغة فنسخوا ما على تلك الألواح ثم رأوا على بعد صورة من نحاس، فذهبوا إليها فوجدوا الصورة على صورة رجل في يده لوح من نحاس، وفي اللوح مكتوب: “ليس ورائي مذهب فارجعوا ولا تدخلوا هذه الأرض فتهلكوا” فقال الأمير موسى بن نصير: “هذه أرض بيضاء كثيرة الأشجار والنبات والماء، فكيف يهلك الناس فيها؟”، وأمر جماعة من جيشه فدخلوا تلك الأرض فوثب عليهم من تلك الأرض من بين الأشجار نمل عظام كالسباع الضارية فقطّعوا أولئك الرجال وخيولهم، وأقبلوا نحو العسكر مثل السحاب كثرة، حتى وصلوا إلى تلك الصورة، فوقفوا عندها ولم يتعدوها. تعجّبوا من ذلك وانصرفوا حتى وصلوا الى الناحية الشرق.
وهناك وجدوا أشجاراً كثيرة وبحيّرة عظيمة، وكان مما جاء في الكتاب الذي أرسله موسى بن نصير إلى عبدالملك بن مروان بعد انتهاء للرحلة:
"ثم سرت حتى وافيت البحيرة عند غروب الشمس فإذا هي مقدار ميل في ميل وهي كثيرة الأمواج وإذا رجل قائم فوق الماء فناديناه: من أنت؟ فقال: أنا رجل من الجن كان سليمان بن داود حبس ولدي في هذه البحيرة فأتيته لأنظر ما حاله، قلنا له: فما بالك قائما على وجه الماء؟ قال: سمعت صوتا فظننته صوت رجل يأتي هذه البحيرة في كل عام مرة فهذا أوان مجيئه فيصلي على شاطئها أياما ويهلل الله ويمجده، قلنا: فمن تظنه؟ قال: أظنه الخضر، عليه السلام، ثم غاب عنّا فلم ندر أين أخذ فبتنا تلك الليلة على شاطئ البحيرة وقد كنت أخرجت معي عدة من الغواصين فغاضوا في البحيرة فأخرجوا منها حبّا من صفر مطبقا رأسه مختوما برصاص فأمرت به ففتح فخرج منه رجل من صفر على فرس من صفر بيده مطرد من صفر فطار في الهواء وهو يقول: يا نبي الله لا أعود، ثم غاصوا ثانية وثالثة فأخرجوا مثل ذلك فضجّ أصحابي وخافوا أن ينقطع بهم الزاد فأمرت بالرحيل وسلكت الطريق التي كنت أخذت فيها وأقبلت حتى نزلت القيروان، والحمد لله الذي حفظ لأمير المؤمنين أموره وسلّم له جنوده! فلما قرأ عبد الملك هذا الكتاب كان عنده الزهري فقال له: ما تظن بأولئك الذين صعدوا السور كيف استطيروا من السور وكيف كان حالهم؟ قال الزهري:خبّلوا يا أمير المؤمنين فاستطيروا لأن بتلك المدينة جنّا قد وكلّوا بها، قال: فمن أولئك الذين كانوا يخرجون من تلك الحباب ويطيرون؟ قال: أولئك الجنّ الذين حبسهم سليمان بن داود، عليه السّلام، في البحار."
تحليل قصّة مدينة النحاس
بالعودة إلى أحداث القصّة وتفاصيلها، نجد أن معظمنا لم يقتنع بأحداثها وذلك لغرابتها وصعوبة الاقتناع بأنّ بعد كل ما توصلنا إليه من علمٍ في زمننا الحاضر لم نسمع عن مكان وجودها ولا عن كل تلك التفاصيل المثيرة. فنّد مجموعة من العلماء حقيقة قصّة مدينة النحاس وقال بعضهم أنها ضربٌ من الخيال ولا وجود لها في الأساس. في واقع الأمر، لا أظنّ أنّ أحد منّا يُنكر وجود سيدنا سليمان عليه السلام وما أعطاه الله إياه من ملكٍ لم يكن لأحد من قبله ولا من بعده، حيث سخّر له الإنس الجن والريح والطير، كلٌ يعمل تحت أمره ويفعلون ما يأمرهم به، وبالتأكيد بنوا له مبانٍ عظيمة لا يُمكن لبشرٍ أن يصنعها، ومنها قصر ممردٌ من قوارير كما ذكر في القرآن الكريم، وبالتالي، فقد شكّل مملكةً مهيبةً لم يكن لها مثيل في الأرض، إلّا أن السؤال هنا، أين هي تلك المملكة الرهيبة ؟ وما هي حدودها ؟ وأين هي قصوره ومبانيه العجيبة ؟ وأين سُجن الجن الذين تمرّدوا ؟
اقرأ أيضاً: 18 معلومة مجنونة وغريبة لكنها حقيقية
بعد هذه الأسئلة، نجد أنفسنا نعود لنفس النقطة، فبالرغم من ما نمتلكه في زمننا الحاضر من إمكانيّات حديثة وتصوير من الفضاء، إلّا أنّه لم يتحدّث أحد عن مكان وجود هذه المملكة العظيمة التي بناها سيدنا سليمان عليه السلام ولم نجد لها أثراً، بالرغم من ثبات وجودها في الديانات السماويّة، ولا زالت لغزاً حيّر أهل العلم ولا زال.
لذلك لا نستبعد -ولا نتبنّى- وجود هذه مدينة النحاس، خصوصاً بعد الحديث عن عدّة قصص واقعيّة وموثّقة لأماكن غريبة في العالم وقصص لشعوب وأقوام حاليين تحدثّوا فيها عن تلك الأماكن الغريبة وما وجدوا فيها من مفاجآت.
مكان مدينة النحاس
نستعرض معكم أبرز الأماكن التي من الممكن أن تكون مدينة النحاس موجودة في واحدة منها -والله أعلم-:
1. مدينة أتلانتس
يرجّح العديد من أهل العلم أن مكان وجود مملكة سيدنا سليمان كانت موجودة على البحر، وبالأخص، بالقرب من سواحل اسبانيا في البحر الأبيض المتوسط، لذلك، لم يستبعد أحد أن تكون أتلانتس أو أطلانطس - وهي المدينة الفاضلة التي ذكرها أفلاطون- هي نفسها مدينة النحاس التي نتحدّث عنها، خصوصاً بعد رؤية بقايا لمدينة في أعماق المحيط بالقرب من تلك المنطقة تمّ تصويرها عبر الأقمار الصناعيّة.
2. مدينة فيافي في المغرب
يقال بأن مدينة النحاس هي نفسها مدينة فيافي بالمغرب- حالياً تسمى مدينة تطوان- ويقال لها أيضا مدينة الصفر بسبب لون النحاس. تتميز هذه المدينة بطابعها الأندلسي وتجمع بين مزيج من الثقافات العربية والأندلسية والفرنسية.
3. الأندلس
يُقال أن من شيّد مدينة النحاس هو ذي القرنين الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وأنه بناها في الأندلس بالقرب من المحيط الأطلنطي، حيث سحرها وطلسمها ليخفي فيها كنوزه ولتبهر كل من يراها، ولا يرجع من عندها سالماً.
4. أمريكا الجنوبيّة
في واقعة غريبة، التقى الباحثون في أمريكا الجنوبيّة مع إحدى القبائل التي تحرس كهف موجود في غابات الأمازون، حيث توارثوا حراسته منذ أجيال ساحقة، وعند سؤالهم عن سبب حراستهم للكهف، أجابوا أنّ في آخر هذا الكهف يوجد فتحة بإمكانهم الولوج منها إلى عالم آخر جميل جدّاً وساحر، يوجد فيه جنان عديدة وأشياء لم تراها العين من قبل، ويعيش فيها أقوامٌ لطفاء يغدقون عليهم بالثمار والطعام والأموال مقابل حراستهم لمدخل الكهف ومنع أي شخص من محاولة الولوج إليه، وعندما حاول الباحثون دخول الكهف بعد عرضهم الأموال على حرّاسه، رفض أفراد القبيلة وبشدّة، ومنعوا أي شخص منهم بمحاولة الدخول إلى الكهف، ليبقى السر محفوظاً معهم.
Comments