حديث الجساسة... الصحابي الذي وجد جزيرة الدجـال... والمفـاجأة التي حدثت معه
نُقِلَت إلينا العديد من الرِوايات والقصص عبر السيرة النبوية الشريفة والأحاديث، لتأتي مُطابقةً لما أشار إليه القرآن في بعض آياته الكريمات.
نتناول اليوم قِصّة حديث الجسّاسة، والذي أثار ضجّةً بين أواسط علماء المسلمين، حيث تطرّق إلى رِحلة عجيبة قريبة للخيال منها للواقع، وهي رحلة تميم الدّاري إلى جزيرة الدجّال، الذي وبحسب ما روي في الأحاديث النبويّة، إلتقى بأكثر شخصيات التاريخ غموضاً.
تميم الدّاري
تميم بن أوس بن خارجه بن سود، والملقب بأبو رقيّة، كان نصرانيّاً و أسلم في السنة التاسعة للهجرة بعد لقاءه برسول الله صلى الله عليه وسلّم وأخبره برحلته إلى الجزيرة النائية وما وجد فيها من عجائِب. مكث في المدينة بعد إسلامه، وبعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان خرج منها إلى الشام حيث توفّاه الله في قرّية بيت جبرين في فلسطين.
رحلة الصّحابي تميم الداري ورِفاقه
بدأت قصة تميم الداري رضي الله عنه أثناء إبحاره مع ثلاثين رجلاً على متن سفينةٍ في عرض البحر، وبقيوا في البحر شهراً يتلاعب بهم الموج إلى أن رماهم جزيرةٍ نائية، ولمّا نَزَلوا من السفينة، استقبلتهم دابّة ضخمة كثيفة الشعر، لدرجة أنهم لم يستطيعوا معرفة مقدّمتها من مؤخّرتها، وتحدّثت إليهم، فسألوها عن ما هيتها، فلم تجبهم سوى أنّها الجسّاسة، ولم تشرح لهم أي شيء آخر عنها، إلّا أنّها أخبرتهم عن رجلٍ ينتظرهم في الدير القديم ويسألوه عن ما يريدوا سماعه.
لم يخطر ببال الصحابي الجليل تميم ورفاقه إلّا أن هذه الدابة هي من الجنّ أو الشياطين، فانطلقوا وهم مفزوعين لرؤية ذلك الرجل الذي ينتظرهم، لعلّه يقودهم إلى سبيل الخروج من هذه الجزيرة. ولمّا وصلوا ودخلوا الدير، صادفهم مشهدٌ غريب، إذ صُدُموا بإنسان عظيم الجسم، مشدود بوثاق يجمع يديه إلى عُنقه وبين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد.
سألوه بفزعٍ عم من يكون، إلا أنه لم يجبهم ورد عليهم بسؤاله عن هويّتهم، فأجابوه أنّهم من العرب وكانو في عرض البحر والموج يتلاعب بهم إلى أن وصَلوا إلى هذه الجزيرة، وأخبروه أيضاً بلقائهم مع الجسّاسة وحديثهم معها.
فسألهم بدوره عن نخل بيسان إن كان لا يزال يُثمر، وأجابوه بالإيجاب، فنبّأهم على أنّه يوشك أن لا يُثمر، ثم سَألهم عن بحيرة طبريا إن كان لا يزال فيها ماء، فأعلموه بغزارة المياه فيها، فأنّبأهم أنها سوف تجف. ثم سألهم عن حالة زراعة الناس وحياتهم حول عينٍ يُقال لها عين زغر (جنوب بحيرة طبريّا)، فأجابوه بالإيجاب.
ثم تابع أسئلته إلى أن وصل إلى سؤاله عن نبيّ أمّي يظهر عند العرب والناس أطاعوه، فأجابوه بالإيجاب، فنصحهم بأنّه خيرٌ لهم أن يطيعوا النبي وي}منوا بدعوته. ثم انتقل لإخبارهم عن هويّته بأنّه المسيح (وبالطبع المقصود هنا هو المسيح الدجّال) وأعلمهم أنه سوف يؤذن له بالخروج قريباً وأنّه سوف يجوب معظم مدن وقرى الأرض ولن يخرج منها إلا وهي خراب، ما عدا مكة وطيبة (المدينة المنورة)، وسَيمكُث في الأرض أربعين ليلة.
وبحسب الرواية، فإنّ عند وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا المقطع، قال ثلاثاً هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة، ويقصد المدينة المنورة.
وبعد عودة تميم ورفاقه إلى جزيرة العرب، توجّهوا مباشرةً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأخبروه بالقصّة التي حدثت معهم، ففرح النبي بها، وصعد إلى المنبر ليخبر الناس عن ما شاهده تميمٌ ورِفاقه. حيث أن الرسول الكريم كان قد أخبر الناس بهذه التفاصيل قبل لِقاءه مع تميم وبأن المسيح الدجال سوف يخرج في آخر الزمان وعن الدّابة التي تكلّم النّاس.
حقيقة القصة
أحدثت هذه القصة جدلاُ واسعاً بين علماء المسلمين، حيث أنكر بعضهم حدوثها، وافترض البعض الآخر أنّها من الإسرائيليّات ودسّت في كتب المسليمن، والبعض صدّق أنها رويت، إلا أنه غير متأكد من رحلة تميم بالأساس.
في واقع الأمر، لن يؤثر هذا الجدل كثيراً، حيث أنها لم تغير شيئاً في قواعد الدين الحنيف، غير أنّها ذُكِرت في مُعظم الكتب المصدّقة والموثوقة، والمكذّبة أيضاً.
Comments