top of page

...الزوّار شاهدوا أيضاً
 


...الأكثر مشاهدةً

لماذا نشعر بالكآبة: تأثير مواقع التواصل الاجتماعي

أحياناً كثيرةً قد تشعر بأنك مضطرب مزاجياً وتحسّ بقدر كبير من الحزن مصحوباً بالشعور بالذنب، وإذا راجعت نفسك وتعمقت في تفكيرك قد لا تجد سبب وجيه لهذا الشعور، إلا أنك تبقى غير مرتاح نفسياً وفاقد للاهتمام بأي شيء. أيضاً، قد تصل إلى مرحلة أنك بحاجة إلى زيارة طبيب نفسي لقناعتك التامة بمعاناتك من الاكتئاب، وبالأخص عند قرائتك لأعراضه في صفحات الإنترنت.

نستعرض معكم في هذه المقالة ما يُمكن أن يحسِّن مزاجك ويزيل عنك هذا الشعور الفظيع...


ما هو الاكتئاب ؟


يختلف تعريف الاكتئاب باختلاف أنواعه، ونحن لسنا بصدد مناقشة أنواع الاكتئاب في هذا المقال، إلا أنه عامةً الاكتئاب هو فقدان الثقة بالنفس والشعور بالحزن الدائم، والإحساس بذنب لا أساس له، إضافةً إلى قصور النشاط وعدم الرغبة بالقيام بالمهام المطلوبة منك.


الكثير منكم الآن قارن التعريف المذكور أعلاه وربطه بحياته اليوميّة التي يعيشها و وَجَد أنَّه بالفعل معظم هذه الأمور تنطبق عليه، إن لم تكن جميعها، وهذا ما زاد يقينه التام بأنه يعاني من الاكتئاب وربما فكِّر في مغادرة الصفحة والانتقال مباشرةً للبحث عن علاج للتخلّص من هذا الشعور السيء.


لكن لحظة! هل لاحظت أن الأعراض المذكورة في التعريف أعلاه جميعها تتعلق بنمط واحد ألا وهو الانفعالات؟ بمعنى آخر، الاكتئاب الحقيقي يختلف عن تقلبات المزاج المعتادة والانفعالات العابرة إزاء تحديات الحياة اليومية. فإن الاكتئاب -كمرض- يصيب ما تقدَّر نسبته 3.8% من سكّان العالم وقد يؤدي في بعض الحالات الشديدة إلى الانتحار، لكن في الواقع، لو سألت جميع من حولك عن الأعراض التي ذكرناها في التعريف فسوف يجيبك غالباً بأنه يشعر بنفس هذه الأشياء، فهل يُعقل أن يكون كل من حولك يعانون من مرض الاكتئاب؟! إذاً ما هي حقيقة هذ الشعور؟


حقيقة ما نشعر به


مع تغير نمط الحياة والتطور المستمر والمتسارع بشكل كبير في العالم، أصبحنا محاطين بأحدث الأجهزة من حولنا وبأحدث التقنيات التي بالفعل طوّرت من قدراتنا وأسمهت في تغيير حياتنا للأفضل بالتأكيد، من ضمنها هاتفك أو جهازك الذي تتصفح به المقال. مما أضافته لنا هذه التقنيات الحديثة، هو تقليل المسافات بين الشعوب، مما جعله سهل جداً أن تعرف بالعاصفة التي تضرب مدينة نيويورك وأنت جالس في منزلك في عمّان. لكن هل فكّرنا يوماً ما مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على حياتنا، فبالرغم من إيجابياتها العديدة، إلا أنه، وبحسب اعتقادي، هي السبب الرئيسي لما يشعر به العديد منّا اليوم من شعور بالنقص وبأنه يجب عليه تغيير حياته بأي ثمن وأي طريقة ممكنة.


تخيّل نفسك منهمك في عملٍ ما ولا تستطيع تفاديه، أو أنك تمر بظروف مادية صعبة وتفكّر دائماً فيها، ثم تقرر أخذ استراحة قصيرة للغاية أو تقرر الهروب من تفكيراتك المرهقة عبر اللجوء إلى إحدى قنوات التواصل الاجتماعي، فتجد بعض الأصدقاء ممن حولك ينشرون صوراً يظهرون بها أنهم لا يملكون أي مشاكل في حياتهم، وأن حياتهم عبارة رحلة متواصلة من السعادة ولديهم الوقت الكافي للقيام بالعديد من الأنشطة التي لا يمكنك القيام بها، حينها ستشعر بضيق وتسأل نفسك مباشرةً، لماذا لا أجد هذا الوقت الكافي لمتابعة هواياتي والقيام بأنشطتي المفضلة؟ كيف أحصل على تلك الوظيفة التي تدر عليَّ ذلك القدر من المال؟


في الواقع، هؤلاء الأصدقاء ربما يمتلكون نفس القدر الذي تمتلكه من المشاكل، إن لم يكن أكثر، إلا أن ظهورهم الدائم على منصات التواصل الاجتماعي بصورة جذّابة ومرحة للغاية ترسّخ فكرة لديك بأن لا مشاكل عندهم، فلو راجعت صورك القديمة لوجدت أنّك تبدو أكثر سعادةً منهم، فلا تغريك هذه المظاهر الكاذبة. ربما يكون العديد من الأشخاص لا يملكون نفس مشاكلك من قلّة الوقت أو شحّ المال، إلا أنه يوجد لديهم ما يكفيهم من مشكلات قد تجعلك تخرُّ ساجداً بأنك لا تمتلكها.


المشاكل الحقيقية


تقبع مشكلاتنا الحقيقة فيما نمتلكه حقيقةً، وليس فيما لا نمتلكه. في حين يسعى الكثر منّا إلى امتلاك تلك السيارة وذلك المنزل ذو الإطلالة الخلّابة، أو السفر إلى تلك المدينة الرائعة، فإننا نسينا ما نمتلكه بالفعل، فبمجرد حصولنا على ذلك المنزل، سوف نسعى مباشرةً للحصول على منزل أكبر، وتبدأ أحلامنا حول ذلك المنزل بالنمو والتطور للحد الذي ينسينا ما نمتلكه بالفعل، وأنه في وقتٍ سابق كان هذا الذي أمتلكه هو حلمي، وتلك هي أنسب طريقة لخلق مشكلة جديدة لك.


كان قارون يمتلك كنوز الأرض، إلا أنه كان يستخدم الريش للتبريد عن نفسه. وكان فرعون يملك مصر، إلا أنه كان يحتاج الأحصنة للتنقل. فبالرغم من أن جميعنا يمتلك هاتفاً جيّداً، أو شاشة مسطحة في منزله، إلا أن اهتمامنا دائماً ما ينصب إلى إلى ما يمتلكه غيرنا أو يُظهر بأنه يمتلكه على منصات التواصل الاجتماعي. أزمتنا الحقيقية لم تعد مادية، إنما هي أزمة روحية نزرعها في داخلنا ونتعمق في النظر إليها بدلاً من تجاهلها، ثم نسقيها ببعض أفكارنا المزعجة فينتج عنها مشلكة كبيرة لا نستطيع حلّها، وبالتالي تتمكّن منّا ولا يُمكننا السيطرة عليها، فتتلاعب بنا وتأخذنا إلى حيث تريد، فتغرس في نفوسنا الكآبة وهذا الشعور الذي لا خلاص منه.


الحل للخروج من حالة الاكتئاب


لا يسعني القول هنا إلا أن الحل يكمن بين يديك، فلا أحد يستطيع تقييم مدى مشكلتك سوى أنت، إلا أني أنصحك:


أولاً: إعادة ترتيب أفكارك وتقييم مشاكلك من جديد، وتحديد ما الذي يجب أن تهتم به بالفعل، فإن وجود أحد أحبائك في المستشفى يستحق اهتمامك أكثر من الطعام الذي طلبته من المطعم ووصلك ناقصاً !


ثانياً: يجب أن تعلم بأن الحياة عبارة عن مجموعة من المشاكل، فأنت تنتهي من مشكلة لتبدأ في حل مشكلة أخرى نتجت عن حل المشكلة الأولى.


ثالثاً: إعلم أن وجود المشاكل في حياتك فهذا لا يعني بأنك شخص فاشل، فإن الفشل أمر ضروري جداً لزيادة خبرتك ويجب أن تتعلم من التجارب الفاشلة كيف تتجنبها في المرات المقبلة "لا يُلدغ مؤمنٌ من جحرٍ مرتين".


أخيراً: كما يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: "أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" فبذكر الله الذى له الجلال والإكرام وحده لا بذكر غيره تطمئن قلوب المؤمنين، ويثبت اليقين فيها، ويزول القلق والاضطراب من خشيته، بما يفيضه عليها من نور الإيمان الذى يذهب الهلع والوحشة.




المراجع


٣٥ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل
  • Instagram
  • Facebook
  • Twitter
  • YouTube
bottom of page